الأفضل في التاريخ
الجملة الأكثر تداولا في العالم
الأفضل في التاريخ، هي الجملة الأكثر قرفا ضمن جميع المجالات، حيث غالبا ما يختصر قائلها تاريخا كاملا في مدة قصيرة عاشها، يحدث ذلك بشكل متكرر ضمن نطاق كرة القدم حيث تعتبر الشيء الأكثر شعبية في العالم.
يعلم الباحثون في التاريخ أنه يستحيل مواكبة جميع الفترات بدقة، هذه الأخيرة أيضا تختلف من وقت لآخر فتجعل من إمكانية المقارنة أمرا مستحيلا، يستدل عشاق الماضي و هم فئة عريضة بكل سلبيات ذلك الزمان دون ذكر أي جانب إجابي من اجل تعزيز رأيهم، بينما يفعلون العكس تماما مع الحاضر، الأمر نفسه يحدث مع عشاق الحاضر.
عندما نتحدث عن الماضي سنمسح كل الذكريات السيئة حتى لو كانت كثيرة، ثم سنتحدث عن تلك اللحظات الأسطورية حتى لو كانت قليلة، لأنه و ببساطة لا نعرف ماذا حدث هناك بالتفصيل، فقط نعرف مجموعة من الخرافات التي ورثناها عن الأجيال السابقة و التي بدورنا سنورثها للأجيال القادمة، مع مرور الوقت أصبح مجموعة من الأساطير آلهة، لا يمكن الحديث عنهم بسوء، أو حتى انتقادهم.
يمكن اختصار ماضي اللعبة في دييغو مارادونا و بيليه، الأول قاد نابولي للتتويج بالاسكوديتو و الأرجنتين للفوز بكأس العالم، و الثاني حصد 3 كؤوس عالم، القاسم المشترك بين اللاعبين هي جملة "لوحده فعل كل ذلك"، مع مرور الوقت تراجعت خرافة بيليه لكن خرافة مارادونا لا زالت مستمرة. أما حاضر اللعبة يمكن اختصاره في ميسي و كريستيانو، الأول متخاذل و الثاني منتهي.
هذه هي المعضلة الأسوء في كرة القدم، بين حاضر قمنا بتزوير حقائقه رغم أننا شاهدناه، و ماضي صدقنا خرافاته رغم أننا لم نشاهده؛ بالمناسبة مارادونا و بيليه هم أساطير و ربما هما الأفضل في التاريخ، لكن لا أحد يعلم حرفيا، لأنه و بكل بساطة لا نتوفر على أبسط الادوات لتحديد ذلك.
تصحيحا لبعض الأخطاء الشائعة، مارادونا لم يكن يلعب لوحده في نابولي كما قال لك أحدهم، بل كان يلعب رفقة مهاجمين رائعين مثل كاريسا و برونو جيوردانو الذي شكلو رفقة دييغو الثلاثي العظيم الذي كان يطلق عليه MA-GI-CA، و أندريا كارنيفالي، كذلك كان يلعب رفقة أحد أعظم مدافعي الاسكوديتو حينها تشيرو فيرارا، رفقة المنتخب الأرجنتيني أيضا كان يتوفر مارادونا على جيل عظيم جدا.
أمر آخر هيلاس فيرونا بأسماء متواضعة نجح في تحقيق الكالتشيو سنة 1985 بعد 3 سنوات فقط من صعوده للدرجة الأولى، و ذلك خلال أول موسم لمارادونا في إيطاليا.
لا يمكننا المقارنة بين دييغو و ميسي أو دييغو و رونالدو، لأنه و بكل بساطة معظم الأشخاص لم يشاهدو لمارادونا أزيد من 20 مباريات كاملة، حتى من عاصرو دييغو معضمهم لا يستطيعون فعل ذلك، لأن الأشخاص الذين عاشو في إيطاليا حينها وحدهم من شاهدو دييغو بشكل كافٍ، اتحدث عن المشاهدة بشكل أسبوعي و ليست المشاهدة من مونديال لآخر، لأن البث التلفزي للدوري الإيطالي لم يخرج عن نطاق دولته إلا خلال مرحلة متأخرة من مسيرة دييغو هناك، عندما حصد كل شيء و كان يود الرحيل.
ما قلته عن مارادونا ينطبق على بيليه، لاعب لا نعلم عنه شيء سوى أرقامه و بعض مقاطع الفيديو و كثير من القصص معضمها نقلت فقط الجانب الإيجابي لمسيرته دون الحديث عن الجوانب السلبية، أحد الأمور السيئة في موضوع بيليه هو الاستدلال المتواصل بعدد أهدافه دون التذكير بمكان حدوث ذلك، الدوري البرازيلي و الأميركي.
عبر تاريخ اللعبة و للأبد لا يوجد لاعب قاد فريقه للفوز ببطولة لوحده، تلك الكلمة تصف إلاه كما قال لؤي فوزي، العبارة الصحيحة هو أنه يوجد لاعب من دونه مهمة الفوز كانت لتصبح أصعب، خرافة اختصار نجاح الفريق في لاعب واحد لا زالت مستمرة مع ميسي و كريس، لكنها أقل بكثير مقارنة بمارادونا.
يمكن المقارنة بين ميسي و كريستيانو لكن من الصعب المقارنة بين ميسي و مارادونا مثلا، اولا يوجد حل وحيد للمقارنة بين اللاعبين و هو الاعتماد على علم البيانات؛ هذا الأخير لم يكن متوفرا قديما لذلك من المستحيل معرفة عدد الاهداف و الفرص التي أهدرها دييغو، او حتى نسبة صعوبة الأهداف التي سجلها أو صنعها و جودة الفرص التي خلقها، كل هذه الأمور يمكن معرفتها في الوقت الراهن بالنسبة للاعبين الحاليين، طبعا تلك الأمور تمثل جوانب المقارنة بين المهاجمين فقط، لأن لاعبا مثل كانتي ليس مكلفا بتسجيل الأهداف أو حتى صناعتها، و هنا بالذات تكمل عظمة الداتا حيث شرحت بالتفصيل قيمة كل لاعب حسب دوره بعدما كان الثناء ينهال على المهاجمين فقط.
الأمر لا يتعلق ببيليه و مارادونا و ميسي و كريستيانو كأشخاص، هم مجرد ممثلين ضمن إطار عام لن يتغير على مر العصور، فقط ستتغير أدوار هؤلاء بين حقبتي الماضي و الحاضر، ستتغير الأسماء لكن الشكل العام سيبقى نفسه.
بقلم : محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق